السِّلم الاجتماعي في السيرة النبوية دراسة تاريخية
No Thumbnail Available
Date
2019
Authors
Journal Title
Journal ISSN
Volume Title
Publisher
Saudi Digital Library
Abstract
كلمة (سلم) تحمل دلالات على معان عدة، والمراد منها في هذا البحث: السلم والسلم والذي معناه الصلح وضد الحرب. وهو بمعنى الإسلام، والطاعة، والمسالمة، أي الدخول في الإسلام والتزام الطاعة، والركون إلى الصلح وترك الحرب. والسلم الاجتماعي تعبير حديث، وقيمة إنسانية رفيعة، يدور مفهومها حول غياب مظاهر الشقاق والتفرق والعنف، وتوفر حالة الأمن والاستقرار والطمأنينة والمسامحة في المجتمع المحلي حتى يتمكن الأفراد من التفرغ لعبادة ربهم ، وقضاء أعمالهم، ومصالحهم الدنيوية بطمأنينة و سلام، حيث يزدهر الإنتاج والإبداع والراقي في حالة السلام والاستقرار، كما أنه احترام لحقوق الآخرين، وصون للحرمات، كحرمة النفس والمال والعرض، بما يسهم في تعايش أفراد المجتمع بمختلف فئاته. ولا يمكن للمسلم الاجتماعي أن يتحقق على أرض الواقع إلا باحترام العقود، والقيم، والمشاعر، والاتجاهات. وإذا كان البيتلم يعتبر ثالث أركان العقد الأممي بعد المساواة والتنمية، حيث تم النص على قضية التعلم في الإعلان العالمي لحقوق الإنسان عام ( ١٣٦٧هـ / ١٩٤٨م) في مادته الثالثة فإن الإسلام قد سبق في تقرير مبدأ البتلم العالمي في قوله : ويَأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا ادْخُلُوا في السلم كافة وَلا تَتَّبِعُو الخطواتِ الشَّيْطَنُ إنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُّبِينٌ) (البقرة، ٢٠٨) ومن يقرأ السيرة النبوية يجدها تزخر بتطبيقات شتى للسلم الاجتماعي، يظهر ذلك جليا في شخصه الكريم ، وشمائله، وعلاقاته الإنسانية مع أهل بيته وأقاربه وأصحابه وجيرانه وخدمه وخاصة الناس وعامتهم، بل إن سلمه حتى مع البيئة ومكوناتها، فقد كان النبي قدوة لأمته في بث الطمأنينة والاستقرار في قوله وفعله. وعند قدومه إلى المدينة المنورة كان أول ما بدأ به بناء المسجد؛ ليجتمع فيه المسلمون في صلواتهم؛ مما ساعد على تألف قلوبهم. ثم كانت الخطوة التي لم يعرف لها التاريخ مثيلا، وذلك بتشريع نظام المؤاخاة بين المهاجرين والأنصار، فتقلصت العصبيات وفوارق النسب واللون والوطن، وتحقق تكافل اجتماعي عالج الأوضاع الاقتصادية، وأزال شعور للمهاجرين بالغربة. وعندما استقر النبي ﷺ بالمدينة نظم العلاقات بين أهل المدينة بمختلف فنائهم، فكتب الصحيفة التي كانت أقدم دستور مكتوب في العالم، وأول وثيقة تنظم أمور المجتمع للمسلم، تتضمن عهد تعاون وحسن حوار بين المهاجرين والأنصار من جهة، وبين اليهود الذين كانوا في المدينة من جهة ثانية، وحرم فيها الاعتداء بين أطراف المعاهدة، وأوجبت الصحيفة التعاون والتضامن، وضمنت حرية العقيدة، وأكدت حرمة اللماء والأموال، ونظمت علاقات المسلمين بمن يجاورونهم، وبهذه الوثيقة يكون النبي أول من أسس المبادئ السلم الاجتماعي، وفيها سبق عهود هيئة الأمم المتحدة ومواثيقها بأكثر من ثلاثة عشر قرنا. والسيرة النبوية غنية بتطبيقات كثيرة فيها تحقيق للمستلم الاجتماعي، ومما تطرق إليه البحث توضيح المنهج النبوي في سلمه مع المخالفين، من أهل الكتاب، والمشركين، والمنافقين، وكيف ساهمت القيم النبوية في تعزيز الستلم، وتحقيق التكافل الاجتماعي، وبيان بعض الأساليب العملية لمواجهة مهددات السلم الاجتماعي، كالفقر، والغلو والإشاعة ونحوها.