التصوف في أمريكا الشمالية حقيقته، ونشأته، وآثاره

Abstract

حين تراجعت الصوفية ولم يبق لها نفوذها في العالم الإسلامي، أخذ التصوف شكلاً جديداً يناسب العصر الحديث، وأصبح ينتشر بسرعة في المجتمع الغربي ليملئ الفراغ الروحاني والاجتماعي لدى الكثير من الغربيين. فمن الثقافات المؤثرة اليوم ثقافة وحدة الأديان، والحب العالمي، والتجربة الروحانية التي تتمثل في التصوف الغربي. فهي حركة دينية تدعو إلى الزهد وشدة العبادة كرد فعل ضد الخوض في الترف الحضاري، ويحاولون عن طريق تربية النفس والتزكية الوصول إلى معرفة الله تعالى بالكشف والمشاهدة، بخلاف طريقة أهل السنة والجماعة في اتباع الوسائل الشرعية، واختلطت طريقتهم بالفلسفات الوثنية الهندية والفارسية واليونانية وغيرها. ولما ازداد دخول الناس في الإسلام، ازداد الاهتمام بنشر كتب الصوفية في الغرب. ولأن الغرب قائم على حرية الرأي والاعتقاد فلا يستطيعون إيقاف الناس عن معرفة الإسلام والدخول فيه. فبدلاً من إبطال الإسلام كلياً يبطلون الصحيح منه ويصححون الباطل المشتبه منه الذي لا علاقة به في الأصل. وقد وجدوا في التصوف خير مجال لتطبيق هذا الهدف لأن في التصوف أفضل بيئة إسلامية قابلة للتغيير، وفيه إمكانية لقبول القيم الغربية. فالتصوف الحاضر أصبح خير وسيلة للتقريب بين الغرب والشرق. وقد ازداد اهتمام الغرب بالتصوف بعد أحداث الحادي عشر من سبتمبر عام 2001 م، فاستغل الغرب الأحداث لرسم صورة مخوفة وعنيفة عن الإسلام والمسلمين، حتى بدأ المسلمون يشعرون بحاجة للدفاع عن الإسلام وتبيين الناحية السلمية والإنسانية منه، وفي الوقت نفسه ركزوا على المسائل المشتركة بين الأديان والثقافات بغض النظر عن المخالفات العقدية. فالعقيدة الصوفية المبنية على وحدة الوجود تروج لفكرة وحدة الأديان والثقافات، ودعاة الصوفية يحملون هذه العقيدة وينشرون مشاعر الإنسانية والتقريب بين الأديان لسد المخالفات وذوبان الفوارق. والهدف من ذلك كله السعي لسلخ المسلمين عن دينهم، وإن لم يسلخوه تماماً فعلى الأقل يكون الدين هوية رسمية فقط، لا دور له في الحياة غير خدمة المجتمع بما يرضي الناس وسادتهم. والمراد من هذا أن يعيش الجميع في بلد واحد بالمحبة وتزول عنهم الخلافات العقدية ليختفي منهم الولاء الديني ليصبح الولاء للوطن وليس للدين.